"نوح عليه السلام"
"نوح عليه السلام"
قال
تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [نوح: 1]. وقد أرسله
إلى قومٍ فسد حالهم، ونسوا أصول شريعة
التي أنزلها على أنبيائه ورسله
السابقين، وصاروا يعبدون الأوثان. وقد أثبت القرآن الكريم خمسة أوثان لهم،
كانوا يقدسونها ويعبدونها، وهي: (وَدّ - سُوَاع - يَغُوث - يَعُوق -
نْسْر). قال تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا
تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح:
23].
* نسب نوح: يذكر النسَّابون أنه: نوح (عليه السلام) بن لامك بن متوشالح بن
إدريس ("أخنوخ" عليه السلام) بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث
(عليه السلام) بن آدم (عليه السلام) أبي البشر. و أعلم. * حياة نوح مع
قومه في فقرات: وقد ذُكرت قصة نوح مع قومه في ست سور من القرآن الكريم
بشكل مفصَّل، وأبرز ما فيها النقاط التالية: 1- إثبات نبوته ورسالته. 2-
دعوته لقومه دعوة ملحَّة، وثباته وصبره فيها، واتخاذه فيها مختلف الحجج
والوسائل. 3- إعراض قومه عنه، فكلما زادهم دعاءً وتذكيراً زادوه فراراً
وإعراضاً، وإصراراً على الباطل، واحتقاراً لأتباعه من الضعفاء. 4- عبادة
قومه الأوثان الخمسة التي مرَّ ذكرها، وضلالهم الكثير. 5- تنكّر قومه
لدعوته، وتكذيبه فيها بحجة أنه رجل منهم، ثم طلبهم إنزال العذاب الذي
يَعِدهم به. 6- شكوى نوح إلى ربه أن قومه عصَوْه، واتبعوا من لم يزده ماله
وولده إلاَّ خساراً. 7- إعلام أو إخبار لنوح بأنه لن يؤمن من قومه
إلاَّ من آمن، وذلك بعد زمن طويل لبعثه فيهم وهو يدعوهم ويصبر عليهم، وقد
تعاقبت عليه منهم أجيال. 8- دعوة نوح عليهم بقوله: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى
الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ
يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح:
26-27]. 9- أمْرُ لنوح أن يصنع السفينة - وقد كان ماهراً في النجارة
- وذلك تهيئة لإِنقاذه هو ومَن معه من الطوفان الذي سيغسل الأرض من الكفر.
10- سخرية قوم نوح منه كلما مرَّ عليه ملأَ منهم ورأَوْهِ يصنع السفينة،
وذلك إمعاناً منهم بالضلال وهم يَرَون منذرات العذاب. 11- حلول الأجل الذي
قضاه وقدَّره للطوفان، وكان من علامة ذلك أن فار الماء من
التَّنُّور. 12- أمر لنوح أن يحمل في السفينة: (أ) من كلٍّ زوجين
اثنين. (ب)أهله إلاَّ من كفر منهم، ومنهم ولده الذي كان من المُغْرَقين
وزوجته. (ج) الذين آمنوا معه، وهؤلاء قليل. فركبوا فيها وقالوا: {بِاِسْمِ
اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41]. 13- تفجّر عيون الأرض،
وانسكاب سحب السماء، ووقوع قضاء ، ودعوة نوحٍ ولدَه في آخر الساعات
قبيل غرقه، ولكن هذا الولد رفض الإِيمان، وظن النجاة بالاعتصام بالجبل
وجرت السفينة بأمر ، وقُضي الأمر، وكان ولد نوح من المغرقين. 14-
تحسُّر نوحٍ على ولده وهو في السفينة تجري بأمر وتمنِّيه أن يكون معه
ناجياً، وقوله لربه: "إن ابني من أهلي" وعتاب له، وإخباره بأن هذا
الولد ليس من أهله، لأنه كافر عمل عملاً غير صالح. 15- ختم القصة
بالإِعلان عن انقضاء الأمر: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا
سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى
الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44].
الجودي: جبل في نواحي ديار بكر من بلاد الجزيرة، وهو متصل بجبال أرمينية.
ويُسمى في التوراة: "أراراط". 16- ذِكْرُ المدة التي لبثها نوح في قومه،
وهي: ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً، فهل هي مجموع حياته، أو هي فترة دعوت
ه
لقومه - أي: منذ رسالته حتى وفاته - أو هي منذ ولادته أو رسالته إلى زمن
الطوفان؟ كل ذلك محتمل و أعلم بالحقيقة. قال تعالى: {وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا
خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت:
14]. ويرجح الرأي الأخير لقوله تعالى: {فأخذهم الطوفان} بعد قوله: {فلبث
فيهم ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً}، لما تفيده الفاء من الترتيب. 17- بيان
أن الذين بقوا بعد نوح هم ذريته فقط، وذلك في قوله تعالى: {وجعلنا ذريت
ه
هم الباقين}. قال المؤرخون: وهم ذرية أولاده الثلاثة، سام وحام ويافث.
ويقولون أيضاً: 1- سام: أبو العرب وفارس الروم. 2- وحام: أبو السودان
والفرنج والقبط والهند والسند. 3- ويافث: أبو الترك والصين والصقالبة
ويأجوج ومأجوج. و أعلم بالحقيقة